التوقعات الاقتصادية تضغط على الدولار الأمريكي
يشهد الدولار الأمريكي تراجعا ملحوظا منذ يوم 16 من مايو الجاري، وعلى الرغم من أن قرار الفيدرالي الأمريكي خلال الاجتماع الأخير كان برفع أسعار الفائدة بنسبة 0.75% ليصل سعر الفائدة الفيدرالي إلى 1.75%، إلا أن بعض تصريحات وإشارات الفيدرالي الأمريكي أثارت مخاوف مرتفعة حول احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي والعالمي في نفق الركود المظلم.
وخلال السطور التالية نلقي نظرة على أهم تطورات الاقتصادي الأمريكي مع ترقب الأسواق لخروج نتائج مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي خلال الثلاثاء المقبل.
الدولار الأمريكي وقرار الاحتياطي الفيدرالي
قام الفيدرالي الأمريكي في اجتماع يوم 15 يونيو الجاري برفع أسعار الفائدة بنسبة 0.75% لتصل إلى 1.75%، وعلى الرغم من أن هذا المستوى يعتبر أعلى معدل لأسعار الفائدة من 2020 إضافة إلى أن نسبة الارتفاع تعتبر أعلى نسبة منذ عام 1994 إلا أن تلك النسبة لم تكن كافية لإرسال الدولار الأمريكي إلى مستويات أعلى خاصة مع التراجع في توقعات النمو الاقتصادي.
فقد أفصح الفيدرالي الأمريكي عن توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي خلال 2022، حيث قام بتعديل توقعات النمو ليخفضها إلى 1.7% خلال العام الجاري مقابل التوقع السابق الذي كان عند 2.8%، كما قامت لجنة السياسة النقدية بتعديل توقعات أسعار الفائدة لنهاية العام لتجعلها عند 3.4% بنهاية العام مقابل التوقعات السابقة بأن تستقر فقط عند 1.9% وهو ما يثير من مخاوف الركود بشكل أكبر.
الدولار الأمريكي وتصريحات جيروم باول
قام محافظ الفيدرالي الأمريكي “جيروم باول” بعقد مؤتمر صحفي عقب اجتماع الفيدرالي الأمريكي، وخلال المؤتمر أدلى باول بتصريحات اعتبرها البعض صدمة قوية للأسواق واعتبرها البعض الآخر تأكيدًا على مخاوف الركود الاقتصادي.
فقد أشار باول إلى أن الفيدرالي الأمريكي حتى الآن ورغم معدلات الفائدة المرتفعة لا يرى أي دلالات على تراجع معدلات التضخم، وهو الأمر الذي يعني أن السيطرة على التضخم لاتزال بعيدة المنال وتحتاج إلى وقت أكبر وجهود أكبر للسيطرة على معدلات الطلب مما يعني أن معدلات الفائدة الحالية غير كافية إطلاقًا.
كما أشار باول إلى أن الفيدرالي الأمريكي سوف يقوم خلال الاجتماع المقبل برفع أسعار الفائدة بقيمة 0.5% أو 0.75%، وأن الفيدرالي على علم بأن أسعار الفائدة المرتفعة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة وقد تؤدي إلى حالة من الركود لكن هدف الفيدرالي الأهم هو السيطرة على معدلات التضخم وليس تجنب الركود.
عائدات سندات الخزانة الأمريكية تتراجع مع مخاوف الركود
خلال الأيام الماضية ومنذ اجتماع الفيدرالي الأخير، تشهد عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات تراجعًا ملحوظا، حيث تراجعت العائدات إلى مستويات 3.1828% وذلك بعد أن لامست مستويات 3.500% في يوم 14 يونيو، وهو أعلى تراجع منذ مايو الماضي.
بالتأكيد عائدات سندات الخزانة الأمريكي لاتزال قوية ويظهر ذلك في كونها لاتزال عند أعلى مستوياتها منذ 2018 إلا أن التراجع الأخير الحاصل في عائدات السندات يعكس بعض المخاوف من دخول حالة الركود التضخمي حيث ارتفاع معدلات التضخم بسبب جانب العرض في ظل انكماش النشاط الاقتصادي.
المؤشرات الأمريكية تدعم المخاوف
- مؤشر إعانات البطالة الأمريكية
عاد مؤشر طلبات إعانات البطالة الأمريكي ليأخذ اتجاهًا صاعدًا من جديد مثل ذلك الاتجاه الذي سيطر عليه أثناء جائحة كورونا، فبالنظر إلى اتجاه المؤشر منذ أبريل الماضي، نجد أنه في زيادة متواصلة.
وكانت آخر تلك الزيادات القراءة الأسبوعية الصادرة في 23 يونيو، حيث سجل المؤشر ارتفاع أسبوعي بواقع 229 ألف طلب مقابل توقعات بتسجيل227 ألف فقط.
- مؤشري مديري المشتريات التصنيعي والخدمي
سجل كل من مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ومؤشر مديري المشتريات الخدمي قراءة سلبية عن شهر يونيو الجاري، فقد سجل المؤشر التصنيعي أسوء قراءة منذ يناير الماضي ليستقر عند النقطة 52.4 مقابل التوقعات بأن يستقر عند النقطة 56.
كذلك، فقد سجل مؤشر مديري المشتريات الخدمي قراءة سلبية للشهر الثالث على التوالي ليصل المؤشر عند أدنى مستوياته منذ يناير الماضي وذلك عند 51.6 نقطة مقابل توقعات بأن يصل إلى 53.9 نقطة.
- مؤشر ثقة المستهلك (جامعة ميتشجن)
سجل مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشجن أسوء قراءة له منذ أكثر من 20 عاما، حيث استقر المؤشر عند النقطة 50 أي ما يعني أن عينة المستهلكين المدرجة في المؤشر قاب قوسين او أدنى من التشاؤم بشأن المستقبل الاقتصادي.
تصريحات وتوقعات هامة بشأن الاقتصاد الأمريكي
- أعلن صندوق النقد الدولي خفضه لتوقعات نمو الناتج المحلي الأمريكي خلال 2022 ليكون عند 2.9% مقابل التوقعات السابقة بالنمو بنسبة 3.7%.
- توقع الملياردير الأمريكي “بيل أكمان” أن تجبر الضغوط التضخمية الفيدرالي الأمريكي على رفع الفائدة إلى مستويات 5% بحلول 2023.
- قالت عضو لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “ماري دالي” إنها تدعم بقوة رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.75% خلال اجتماع الفيدرالي القادم.
توقعات أداء الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة
يترقب المستثمرون غدا خروج قراءة مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي، وهو من أهم المؤشرات المؤثرة في سلوك المستثمرين وخاصةً تجاه الدولار. وقد شهدت قراءة المؤشر خلال شهر مايو الماضي تراجعا من مستويات 107.3 نقطة في أبريل إلى 106.4 نقطة في مايو، ولكن لشهر يونيو تتجه لأن يسجل المؤشر مستوى 100 نقطة فقط.
وجدير بالذكر أن مستوى 100 نقطة يعني أن المستهلك الأمريكي (الذي يتحكم فيثلثي الاقتصاد الأمريكي) يقف على الحياد تمامًا بين التفاؤل والتشاؤم، إذ أن الهبوط عن مستوى 100 نقطة يشير إلى تشاؤم المستهلك، ومن ثم إحجامه عن الاستهلاك.
على الرغم من المؤشرات الاقتصادية السلبية التي تحيط بالدولار الأمريكي من كل جانب، إلا أن أسعار الفائدة الفيدرالية تظل هي العامل المسيطر الأقوى على أداء الدولار الأمريكي وبالتالي فإن الدولار الأمريكي من الناحية الأساسية لاتزال فرص صعوده قوية وخاصة مع تأكيد الفيدرالي على مواصلة رفع الفائدة.
أما من الجانب الفني، فإن مؤشر الدولار الأمريكي DXY يستقر حاليا عند مستويات 103.927 نقطة وهي أدنى مستوياته منذ نحو أسبوعين ويتجه حاليا إلى الدعم 103.26، ومن المرجح أن يشهد الدولار الأمريكي ارتداد من عند تلك المقاومة ليتجه نحو مستوى 106.6 نقطة.
وكما رأينا فإن مؤشر الدولار الأمريكي يتميز حاليا بوجود فرص قوية للصعود بعد نهاية الحركة التصحيحية الحالية، ولكن لا يعني ذلك أنه لا توجد فرصة ربح الآن، فكما هو معروف، فإن سوق الفوركس يمكن تحقيق الربح منه بيعًا وشراءًا. وبالتالي فإنه بإمكانك الاستفادة من الهبوط الحالي للمؤشر أيضا. لا تفوت الفرصة وابدأ بالتداول الآن مع أكسيا.