توقعات أسعار النفط لعام 2022
تشهد أسعار النفط تذبذبًا ملحوظًا يميل للهبوط وذلك منذ أواخر مارس الماضي. فعلى الرغم من استمرار العقوبات الغربية على الصادرات الروسية بما فيها النفط والتي تبعت الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن عددًا من العوامل على الصعيد الدولي قد تداخلت في المشهد لتضغط على أسعار النفط وتؤدي إلى تأرجح أسعار النفط بين مستويي 138 دولار و96 دولار. في السطور التالية نلقى الضوء على أهم العوامل التي تؤثر على أسعار النفط وتوقعات اتجاهها خلال الفترة المقبلة.
العوامل المؤثرة على أسعار النفط
- الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا
- سياسات أوبك+ والمملكة العربية السعودية
- تخفيض توقعات نمو الاقتصاد العالمي
- تفشي كورونا في الصين وسياسة صفر كورونا
الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا
تلقت أسعار النفط دعمًا قويًا على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث قامت الدول الغربية وأمريكا بفرض عقوبات متصاعدة على الاقتصاد الروسي. تراوحت هذه العقوبات بين استبعاد بنوك روسية من نظام سويفت المالي الدولي إلى فرض عقوبات على الصادرات الروسية بما فيها صادرات قطاع الطاقة. أدى ذلك إلى انطلاق أسعار النفط من مستويات 70 دولار للبرميل في 21 ديسمبر 2021 لتصل إلى ذروتها في 7 مارس 2022 حيث لامست أسعار النفط مستويات 124 دولار.
تأثرت أسعار النفط العالمية بقوة جراء تلك العقوبات لعدة أسباب; تحتل روسيا المركز الأول عالميًا في تصدير النفط الخام، وأظهرت بعض البيانات الحديثة تراجع صادرات النفط الروسي خلال أسبوع واحد بنسبة 25%. كما أن صناعة النفط خلال الفترة الأخيرة قد شهدت تراجعًا قويًا في حجم الاستثمار وذلك على خلفية السياسات المناخية العالمية التي استهدفت خفض مستويات الانبعاثات الكربونية، كما أن القطاع على المستوى العالمي لايزال يعاني من تبعات فيروس كورونا في تراجع الكفاءة التشغيلية.
سياسات أوبك+ والمملكة العربية السعودية
على الرغم من الضغوط التي مارستها الدول المستهلكة للنفط – وعلى رأسها أمريكا والاتحاد الأوربي – على مجموعة أوبك+ من أجل زيادة الإنتاج، إلا أن سياسة أوبك+ لاتزال متحفّظة بشكل كبير في ملف زيادة الإنتاج. فقد توافقت دول مجموعة أوبك+ في اجتماع مارس الماضي على زيادة الإنتاج الشهري بنحو 432,000 برميل يوميًا فقط.
أدى تراجع الإنتاج الروسي وانخفاض معدل الاستثمار النفطي وخصوصًا في دول غرب أفريقيا الأعضاء في أوبك+ إلى ارتفاع معدّل الالتزام بتخفيضات الإنتاج بين دول المجموعة إلى 157%. كما أدت التوترات السياسية في ليبيا وإغلاق حقل الشرارة ومحطة بريقه التصديرية ووقف صادرات ميناء الزويتينة لتراجع إنتاج ليبيا النفطي بأكثر من نصف مليون برميل يوميًا وهو ما يعني أن مجموعة أوبك+ غير قادرة حتى الآن على الوفاء بزيادة الإنتاج المتّفق عليها.
ومن جانب آخر فقد صرّحت المملكة العربية السعودية بأن أوبك+ لا بد وأن تتوقف عن الاعتماد على بيانات وكالة الطاقة الدولية فيما يخص توقعات الطلب والعرض على النفط، حيث اتهمت المملكة بيانات وكالة الطاقة بأنها غير محايدة وموجهة لدفع أوبك لاتخاذ قرارات في اتجاه زيادة الإنتاج لخفض الأسعار، وهو ما يعني أن أوبك+ قد تواصل سياساتها المتحفّظة في زيادات الإنتاج.
تخفيض توقعات نمو الاقتصاد الدولي والتجارة الدولية
أصدر صندوق النقد الدولي في 19 من أبريل 2022 تحديثًا لتوقعات نمو الاقتصاد الدولي خلال 2022، وقد أظهر التقرير أن صندوق النقد الدولي قد عدّل توقعاته بشكل سلبي ليخفض توقعات النمو العالمي من 4.4% إلى 3.6% فقط.
ورغم ذلك فقد توقع استمرار في صعود أسعار النفط وذلك بسبب استمرار تراجع حجم المعروض العالمي من النفط وهو ما يعني توقعات بحدوث ركود تضخمي، كما عدلت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي خلال 2022 لتخفضها إلى 2.8% مقابل توقعاتها مسبقًا بنمو الاقتصاد بنسبة 4.1%.
تفشي كورونا في الصين وسياسة صفر كورونا
شهدت عدد من مقاطعات الصين تفشي جديد لفيروس كورونا، وهو الأمر الذي دفع السلطات في الصين إلى تطبيق قيود إغلاق في عدد من المدن الكبيرة وعلى رأسها شنغهاي التي تعتبر أحد أكبر المراكز المالية العالمية. حيث تنتهج السلطات الصينية سياسة صفر كوفيد والتي تهدف لخفض معدلات الإصابة بفيروس كورونا في الصين إلى مستويات صفرية.
انعكست سياسات الإغلاق على المؤشرات الاقتصادية الصينية وعلى رأسها مبيعات التجزئة الشهرية ومعدل البطالة الشهري، كما خفض صندوق النقد توقعات نمو الاقتصادي الصيني بنسبة 0.4% مقارنة بالتوقعات المصدرة في يناير، وبالتالي فإن ذلك يعني تراجعًا متوقعًا في الطلب الصيني على النفط خلال 2022.
توقعات أسعار النفط خلال 2022
بحسب البيانات الأخيرة لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية والصادرة في أبريل 2022، فإنه من المتوقع أن ترتفع أسعار نفط خام برنت لتصل إلى متوسط 108 دولار للبرميل خلال الربع الثاني 2022، كما توقعت أن يبلغ متوسط أسعار النفط خلال النصف الثاني من 2022 عند 102 دولار للبرميل.
ومن جانب آخر فإن مؤسسة جولدمان ساكس قد توقعت في مارس الماضي أن تسجل أسعار النفط خلال 2022 ارتفاعًا إلى 135 دولار للبرميل، في حين أنها توقعت أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 175 دولار للبرميل في حال تعطلت ثلثي صادرات النفط الروسية جراء العقوبات. ويمكنك من هنا تعلم كيفية تداول السلع.