لأين يتجه الدولار كندي في 2022؟
يستكمل زوج الدولار كندي الاتجاه الصاعد الذي ابتدئه منذ يونيو 2021، فقد شهد الدولار كندي تراجعًا قويًا بين 2020 ومنتصف 2021 على خلفية ضعف الدولار الأمريكي بسبب السياسات التوسعية النقدية مقابل قوة الدولار الكندي وخصوصًا مع ارتفاع أسعار النفط الذي يعتبر من دعائم الاقتصاد الكندي. فيما يلي نظرة على تحركات زوج الدولار كندي منذ بداية 2022 والاتجاه المتوقع له خلال الفترة المقبلة.
العوامل الداعمة للدولار الكندي
تلقى الدولار الكندي دعمًا قويًا من جانب السياسة النقدية الشديدة لبنك كندا، حيث قام بنك كندا برفع معدلات الفائدة بواقع 25 نقطة في مارس ثم بنحو 50 نقطة في اجتماع 13 أبريل، لترتفع معدلات الفائدة من 0.25% إلى 1% وذلك مع إشارته إلى أن أسعار الفائدة ستحتاج للمزيد خلال الفترة المقبلة.
كذلك فقد أعلن بنك كندا إنهاء برنامج إعادة الاستثمار ليبدأ في التشديد الكمي اعتبارًا من 25 أبريل مع خفض الميزانية العمومية للبنك بشكل تدريجي، وهو ما يعني أن البنك يسير بخطى متسارعة في اتجاه تشديد السياسة النقدية. كما ذكر بنك كندا في بيان السياسة النقدية أنه من المتوقع أن تواصل الصادرات والاستثمار في مجال الأعمال انتعاشها خلال العام، وعلّل ذلك التوقع بارتفاع أسعار المواد الأساسية.
الى جانب المؤشرات الاقتصادية الكندية، فعلى الرغم من أن مبيعات التجزئة الشهرية سجلت نموًا خلال فبراير بنسبة 0.1% وهو ما يعتبر أقل من النمو المسجل خلال يناير، إلا أنه كان أعلى من التوقعات والتي كانت تشير لأن يسجل المؤشر انكماشًا بنسبة -0.4%.
وقد سجل مؤشر معدل البطالة قراءة إيجابية عن شهر مارس للمرة الثانية على التوالي، حيث أشار لتراجع معدل البطالة إلى مستويات 5.3% وهو أقل معدل بطالة منذ تفشي جائحة كورونا في 2020، وقد مارست تلك العوامل ضغوطًا على زوج الدولار كندي مؤخرًا.
المؤثرات السلبية على الدولار الكندي
من أهم المؤثرات السلبية على أداء الدولار الكندي حاليًا هو تراجع أسعار النفط بشكل ملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد تسبب تفشي وباء كورونا في الصين من جديد إلى فرض الصين قيود إغلاق جديدة مما تسبب في تخوفات من تراجع الطلب على النفط، وهو ما أثر سلبًا على الدولار الكندي إذ تمثل الصادرات النفطية نحو 15% من صادرات كندا.
كذلك فقد أثرت توقعات دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود بشكل سلبي على الدولار الكندي نظرًا لأن أغلب الصادرات النفطية الكندية تتجه للاقتصاد الأمريكي.
كما سجل مؤشر أسعار المستهلك الكندي السنوي نمو خلال شهر مارس بنسبة 3.8% وهو ما يعد أعلى من توقعات الأسواق، وهو أعلى معدل تضخم سنوي منذ نحو 30 عامًا. ويعتبر ارتفاع معدل التضخم حاليًا مؤشر سلبي بالنسبة للاقتصاد وذلك نظرًا لكون التضخم ناتج عن جانبي الطلب والعرض معًا بما يعني أن السياسة التشديدية المعاكسة للتضخم قد تزج بالاقتصاد في اتجاه الركود التضخمي.
الدولار الأمريكي والعوامل الداعمة له
رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في اجتماع مارس الماضي بنحو 25 نقطة لتصل إلى مستويات 0.50، وقد صرح جيروم باول محافظ الاحتياطي الفيدرالي بأنه من المحتمل أن يتم رفع أسعار الفائدة من جديد في اجتماع مايو المقبل، ولكن بنحو 50 نقطة دفعة واحدة لتصل أسعار الفائدة إلى 1%.
كذلك، فقد سجل مؤشر جامعة ميتشغين لثقة المستهلك الأمريكي ارتفاعًا إلى مستوى 65.7 لشهر مارس الماضي بأعلى من توقعات الأسواق بأن يصعد المؤشر إلى 59.1 فقط، وسجل معدل التضخم السنوي الأساسي في الولايات المتحدة ارتفاعًا في مارس بنحو 6.5%. وعلى الرغم من أنه أعلى من مستويات فبراير إلا أن ارتفاعه كان بوتيرة أقل من توقعات الأسواق وهو ما دفع بعض المحللين للتوقع بأن التضخم الأمريكي قد وصل إلى ذروته بالفعل.
وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي فإن الدولار الأمريكي يشكل نحو 60% من إجمالي الاحتياطيات الأجنبية للبنوك المركزية حول العالم وهو ما يساعد في تهدئه مخاوف تراجع مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطي نقدي، كما ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات حتى وصلت إلى 2.9084% وقت كتابة هذا المقال.
عوامل سلبية تضغط على الدولار الأمريكي
تزايدت مخاوف البنوك المركزية حول العالم من الاعتماد على الدولار الأمريكي بشكل كبير، وخاصة بعد جائحة كورونا والتوسع النقدي الذي اتبعه الفيدرالي الأمريكي. كما أعربت بعض الدول المصدرة للطاقة عن نيتها لتصدير النفط والغاز مقابل عملات أخرى بخلاف الدولار الأمريكي.
كذلك فإنه لا تزال هناك مخاوف من استمرار ارتفاع معدلات التضخم خاصة في ظل توترات سلاسل الإمداد والحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما قد يبقي على أسعار الفائدة الحقيقية سالبة رغم رفع سعر الفائدة.
توقعات حركة زوج الدولار كندي خلال 2022
يبدو أن الخوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة الركود التضخمي هو سيد الموقف حاليًا، وإذا حدث ذلك السيناريو فإن صادرات النفط ستتضرر بشكل كبير، وبالتالي تكون الغلبة في تلك الحالة للملاذات الآمنة وهو ما يصب في صالح أداء زوج الدولار كندي.
ورغم ما تحدثنا عنه من مخاوف تحيط بالدولار الأمريكي، إلا أن ذلك لا ينفي أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال هو الاقتصاد الأكثر قدرة على تحمل الصدمات. بالتالي، فإن الفترة القادمة قد تكون في صالح الدولار الأمريكي وهو الأمر الذي يظهر بشكل جلي في أداء الدولار الأمريكي أمام سلة عملات مؤشر DXY.