عقود القمح.. صعود منتظر في تداول سوق السلع
جذبت تحركات أسعار القمح أنظار المهتمين بالتداول في السوق الأمريكي في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد الارتفاعات الكبيرة والقياسية في أسعاره بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي عاد بأرباح قوية على مستثمري عقود القمح.
ولقد عاودت الأسعار في الانخفاض مرة أخرى منذ بداية يونيو للعودة إلى مسارها الطبيعي لما قبل الأزمة. ويوجد العديد من التفسيرات لتلك التحركات على عقود القمح، وهذا ما سوف نتعرف عليه خلال السطور التالية بالإضافة إلى معرفة أهم مستجدات سوق القمح وتوقعات اتجاهه.
نظرة على سوق القمح
يعد القمح من السلع الاستراتيجية حيث يعتبر من أهم السلع الزراعية، فهو الغذاء الأساسي السائد في جميع أنحاء العالم، ولا يقتصر استخدامه على غذاء الإنسان فقط، ولكنه يستخدم كعلف للحيوانات أيضًا. كما أنه يدخل في صناعة ألواح الخشب الحبيبي والورق والنشا والبلاستيك والوقود.
يتميز القمح بقصر فترة حصاده وتحمله للتقلبات المناخية القاسية. كل ذلك جعل من سلعة القمح عنصر رئيسي في شبكة تجارة السلع عالميًا وتزايد الطلب على تداولها وخاصة التداول في السوق الأمريكي.
يتم تداول سلعة القمح في عدة بورصات، ولكن يعتمد تداول العقود الآجلة للقمح في التداول في السوق الأمريكي على بورصتين وهم؛ بورصة شيكاغو للتجارة وبورصة يور ونكست نيويورك. مع الأخذ في الاعتبار أن عقود شيكاغو تعد أكثر عقود القمح سيولة في العالم.
نبذة عن إنتاج القمح في العالم
تقوم العديد من الدول بزراعة القمح باعتباره غذاء أساسي، وتعد الصين هي أكبر دولة منتجة للقمح حول العالم بإنتاج يبلغ نحو 135 مليون طن سنويًا، فهي بذلك تستحوذ على 29% تقريبًا من إجمالي الإنتاج العالمي.
وعلى الرغم من ارتفاع إنتاج الصين، إلا أنها تستهلك هذا الإنتاج محليًا نظرًا للزيادة السكانية بها وليس هذا فقط، ولكنها تعد من أكثر الدول المستوردة للقمح أيضًا. وتأتي الهند في المرتبة الثانية بإنتاج 103 مليون طن سنويا، ومن ثم روسيا ثم الولايات المتحدة.
وأكبر خمس دول مصدرة للقمح على الترتيب هم؛ روسيا، الولايات المتحدة، كندا، فرنسا وأوكرانيا. ويبلغ إجمالي إنتاجهم مجتمعين نحو 65% من إجمالي صادرات القمح العالمية.
أهم الأسباب وراء الصعود القوي للقمح
قفزت أسعار القمح وأخذت في الارتفاع من نهاية فبراير وحتى مايو الماضي لتسجل أعلى قيمة لها في 9 مارس بنحو 12.84 دولار للبوشل، كما ارتفعت عقود القمح في بورصة شيكاغو بنسبة 5.9%.
ويوجد العديد من الأسباب التي كان لها تأثير قوي في ارتفاع أسعار القمح عالميًا ووصولها إلى أعلى مستوياتها القياسية منذ عام 2008. والتي جعلتها ترتفع خلال العام الحالي بأكثر من 60%. وبالتالي زاد من التداول في السوق الأمريكي عليها.
- الغزو الروسي لأوكرانيا
لقد تعثرت إمدادات القمح بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض العقوبات الاقتصادية، حيث أن ثلث صادرات القمح عالميًا تأتي من الدول الأوروبية. وتعد كلًا من روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول المصدرة للقمح عالميًا.
وقد فرضت روسيا والتي تستحوذ على أكثر من 15% من إجمالي قيمة صادرات القمح قيود على صادراتها من الحبوب وعلى رأسهم القمح كرد فعل على الحصار الاقتصادي عليها. كما تأثرت صادرتها أيضًا بسبب العقوبات المفروضة على ميناء نوفوروسيسك من قبل الدول الأوروبية. أما بالنسبة لأوكرانيا فقد تعطلت إمداداتها هي الأخرى بسبب الحرب ودمار العديد من الساحات المزروعة وهروب المزارعين من الأراضي.
- قرار الهند بحظر صادراتها من القمح
أعلنت الهند قرارها في منتصف مايو الماضي بحظر صادراتها من القمح، وكان هذا القرار بمثابة صدمة أخرى أدت لارتفاع أسعار القمح عالميًا وذلك لأنها تعد أكبر منتج له ولاعتماد العديد من الدول عليها بعد الأزمة الروسية الأوكرانية وتراجع الصادرات من منطقة البحر الأسود.
وجاء قرار الحكومة الهندية لإدارة الأمن الغذائي للبلاد بعدما تضرر إنتاجها بسبب موجة الحر الشديدة مما أدى إلى ارتفاع الأسعار المحلية ونقص الإنتاج وبالتالي كان هناك حاجة لسد فجوة العرض المحلية.
السبب وراء تراجع أسعار القمح مرة أخرى
شهدت أسعار القمح هبوطًا حادًا خلال الشهريين الماضيين وانخفضت خلال التداول في السوق الأمريكي، فسجلت بورصة شيكاغو انخفاض في سعر العقود الآجلة للقمح بنحو 39% خلال شهرين. ليصل سعر القمح عالميًا إلى 7.8 دولار للبوشل في يوليو الماضي وهو أدني سعر له منذ بداية الغزو في فبراير الماضي.
ويرجع ذلك الانخفاض الكبير إلى عدة أسباب أهمهم:
- بداية موسم الحصاد في روسيا وكندا في يونيو الماضي.
- توقيع روسيا وأوكرانيا اتفاقًا في يوليو الماضي لاستئناف تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
- وجود أنباء عن الإفراج عن كميات كبيرة من القمح من الموانئ الأوكرانية.
أسعار القمح .. إلى أين تتجه؟
بحسب التحركات الحالية لأسعار القمح، فإن الأسعار حاليًا تستقر عند مستويات 7.4 دولار للبوشل وهو أدنى مستويات السعر منذ 2021 وهو مستوى دعم سعري قوي، وبالتالي فإن التوقع يتجه لأن تحقق أسعار القمح ارتداد قوي خلال الأيام المقبلة. وبالتالي فهي فرصة سانحة لبداية التداول على عقود القمح.