الذهب في طريقه للقمة
احتل الذهب مركز الصدارة في وقت أدت فيه مشاكل التضخم على مستوى العالم إلى قلق المستثمرين بشأن وضع أموالهم في فئات الأصول التي تشهد تقلبات مستمرة، وذلك ليس فقط لتأثيرها المحتمل على المحافظ الاستثمارية الخاصة بهم، ولكن أيضًا على الحالة الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، قد يكون الارتفاع في أسعار الذهب بمثابة مؤشر إلى حالة من عدم اليقين، حيث يميل المتداولون إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن في حالة كانت الأدوات المالية الأخرى غير مستقرة.
وفيما يلي نظرة على أهم توقعات وتنبؤات أسعار الذهب.
المؤثرات الأساسية على الذهب
- أسعار الفائدة لها علاقة عكسية بالذهب، وعادة ما يرتفع أسعار الذهب مع انخفاض الفائدة.
- يعد الطلب والعرض على الذهب أحد العوامل الرئيسية التي تحدد سعر الذهب.
- تؤثر تقلبات الدولار أيضًا على سعر الذهب حيث يتم اعتبار الدولار الأمريكي والذهب أصلان متنافسان، وبالتالي فإن تراجع الدولار يعزز مكاسب الذهب.
- الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية تؤثر على أسعار الذهب بشكل إيجابي وذلك لكون الذهب ملاذ آمن.
- ستنخفض تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب، الأمر الذي سيؤدي إلى تزايد شعبية هذا المعدن الثمين لدى المستثمرين في الأيام القادمة.
ولقد كان للتقلبات الشديدة في أسواق الأسهم منذ بداية عام 2022 تأثيرًا كبيرًا على أسعار الذهب. وفي الوقت نفسه، شهد الارتفاع في أسعار الذهب تزايدًا منتظمًا تمامًا، حيث واصل السير في اتجاه صعودي. وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيكون العامل الجوهري في التأثير على أسعار الذهب في الفترة القريبة القادمة، خاصةً في ظل وصوله إلى أعلى معدلاته خلال الأربعين عامًا الماضية في الولايات المتحدة. ومن المُرجح أن اعتبار الذهب كأفضل أداة تحوّط ضد التضخم سيقود نحو ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، حتى يصل سعره إلى أكثر من 2,000 دولارًا للأوقية.
لماذا تسجل أسعار الذهب أرقاما قياسية حاليا؟
- عانى الدولار الأمريكي من خسائر كبيرة منذ نهاية 2022 حيث زادت احتمالية قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بإيقاف دورة رفع أسعار الفائدة. حيث انخفض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) بنسبة 1.5٪ منذ بداية العام حتى تاريخه، بينما ارتفع سعر الذهب بأكثر من 11.3٪، وإذا اتجه الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، فإن ذلك سكون بمثابة قوة دافعة لأسعار الذهب كي تذهب إلى مستويات قياسية جديدة.
- دعمت المؤشرات الأخيرة للضعف في النظام المصرفي بعد انهيار البنوك الأمريكية الثلاثة – بدايةً من سليكون فالي وحتى فرست ريبابليك – وكذلك انهيار كريدي سويس أسعار الذهب في الأسابيع القليلة الماضية لذلك، وعلى خلفية ذلك سجلت أسعار الذهب مكاسب بنسبة 10% في أقل من 3 أشهر، بدايةً من مارس وحتى اليوم.
- دورات رفع أسعار الفائدة العنيفة التي اتبعتها جميع البنوك المركزية الكبرى قد اقتربت من نهايتها، لذلك ارتفعت أسعار الذهب مع انخفاض توقعات أسعار الفائدة، فعلى سبيل المثال شهدت الأسواق الأمريكية توقعات بنسبة 70٪ لرفع سعر الفائدة مرة أخرى من مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مايو، بينما ارتفعت احتمالية خفض سعر الفائدة بحلول يوليو إلى 56٪ وهو ما يدعم من أسعار الذهب.
- يواجه العالم العديد من الصراعات المستمرة والمتوقعة وهذا الوضع هو سبب رئيسي للارتفاع الحالي في أسعار الذهب، حيث أثرت الصراعات العالمية مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا بشكل كبير على المشاعر العالمية، وقبل ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وحاليا تتجه الأنظار بحذر إلى تطورات التصعيد المتتالي بين الصين والولايات المتحدة وخاصة فيما يتعلق بجزر تايوان.
- يراقب العالم جميعه الآن أزمة سقف الدين الفيدرالي الأمريكي والتي تشهد صولات وجولات بين الجمهوريين الرافضين لرفع سقف الدين الأمريكي عن الحص الأقصى الحالي البالغ 31.4 ترليون دولار وبين الديمقراطيين الراغبين في مراجعة هذا الحد. وفي ظل تلك الظروف تتصاعد التحذيرات حتى من داخل الحكومة الفيدرالي وخاصة من جانب وزيرة الخزانة الأمريكية “جانيت يلين” بأنه إذا لم يتم رفع الحد الأقصى للدين الأمريكي، فسيعني ذلك صدمة اقتصادية قوية للاقتصاد العالمي.
- تشير العلاقة التاريخية بين أسعار الذهب ومؤشرات الأسهم الأمريكية إلى أن هناك علاقة عكسية دائمة بين مؤشر السوق الأمريكي S&P 500 و داوجونز وبين أسعار الذهب. حيث تشير اتجاهات الصعود والهبوط في كليهما إلى توقعات النمو والركود. وتشير الإشارات الفنية حاليا إلى ترجيح تراجع المؤشرين بما يدعم بالتالي توقعات التباطؤ واتجاه المستثمرين إلى الذهب.
الوقت الراهن هو الوقت المثالي لشراء الذهب.
يُتداول المعدن الأصفر حاليا عند مستويات 2029 دولار أمريكي للأونصة، أي بالقرب من أعلى مستويات التاريخية المسجلة عند 2077 دولار.
وتوقعت CMC Markets مؤخرًا أن الاقتراب من نهاية التشديد النقدي سيعزز مبيعات سندات الخزينة الأمريكية والسندات الأمريكية مرتفعة التقييم، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب إلى ما بين 2500 دولار و2600 دولار للأونصة.
ورأى راندي سمولوود، الرئيس التنفيذي لشركة Wheaton Precious Metals (WMP) ، أن أسعار الذهب قد تذهب إلى 2500 دولار للأونصة.
وقال العضو المنتدب لشركة Swiss Asia Capital وكبير مسؤولي الاستثمار، يورغ كينر، إن فترات الركود العالمية المعتدلة في عام 2023 قد تؤدي إلى ارتفاع سعر الذهب إلى 4000 دولار للأوقية بحلول نهاية العام. كما يتوقع فريق السلع في بنك أوف أمريكا أن يصل سعر أونصة الذهب إلى 2200 دولار في الربع الرابع من العام.
ومن الجدير بالذكر، أنه يمكن للمستثمر الاستفادة من صعود أسعار الذهب عن طريق التداول في العقود مقابل الفروقات CFDs مع أكسيا.