توقعات اتجاهات أسعار النحاس 2022
يكتسب النحاس أهمية كبيرة في الاقتصاد العالمي نظرًا لكونه يحتل المرتبة الثالثة عالميًا بين المعادن الأكثر استخدامًا في الصناعة. وكان النحاس من بين السلع التي وصلت إلى مستويات قياسية مرتفعة، حيث أدى تباطؤ إنتاج النحاس في السنوات الأخيرة إلى نقص المعروض مع ارتفاع الطلب بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى ساهمت في ارتفاع أسعار النحاس. فيما يلي سنلقي نظرة على تلك الأسباب بالتفصيل.
نظرة على أداء أسعار النحاس
سجلت أسعار النحاس نموًا قويًا ما بين مارس 2020 وحتى مايو 2021، حيث ارتفعت أسعار النحاس من أدنى مستوى لها في مارس 2020 عند 1.97 دولار للباوند حتى وصلت إلى 4.88 دولار في مايو 2021.
وخلال كتابة هذا المقال يتم تداول أسعار النحاس حول مستويات 4.3 دولار لكل باوند، ويعتبر هذا المستوى هو أدنى مستوى لأسعار النحاس منذ نحو سبعة أسابيع.
وقد أثر على تداول السلع النحاسية مجموعة من العوامل؛ حيث شهد معدل إنتاج النحاس تباطؤ في بداية العام إضافة إلى تراجع إمدادات روسيا منه بعد فرض العقوبات الغربية، ووصولًا إلى تراجع الطلب الصيني بسبب قيود الإغلاق التي فرضتها الصين على خلفية تفشي كورونا مؤخرًا.
انخفاض معدل النمو في إمدادات النحاس
شهد معدل إنتاج النحاس تباطؤ ملحوظ على مدى العقود الثلاثة السابقة وذلك مقارنة بمعدلات إنتاج المعادن الأخرى، ففي حين أن معدل تعدين النحاس قد ارتفع بنسبة 123٪ فقط، فخلال نفس الفترة سجل إنتاج الألومنيوم نموًا بنسبة 256٪ كما ارتفع إنتاج خام الحديد بنسبة 257٪ على مدار نفس الفترة.
وقد نتج هذا النمو البطيء في إمدادات النحاس عن مجموعة من العوامل، أهمها انخفاض أسعار النحاس بنسبة 58٪ بداية من عام 2010، حيث انخفضت بالقرب من تكلفة إنتاج المعدن، مما أدى إلى تثبيت الاستثمارات الجديدة في المناجم ومنشآت معالجة الخامات.
ارتفاع أسعار النفط
يعتبر نشاط تعدين وتنقية المعادن من الأنشطة كثيفة الطاقة، أي أنه يستهلك الكثير من النفط الذي ينتج الطاقة اللازمة للتعدين. ولعل هذا السبب هو الذي يفسر اتجاه أسعار النفط وأسعار النحاس في نفس الحركة، وخاصة سعر خام غرب تكساس الوسيط. لذا فإن ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي جعلت من تعدين النحاس وتكريره أكثر تكلفة.
ورغم ذلك، قد يؤدي الارتفاع الحاد في أسعار النفط والغاز الطبيعي حاليًا إلى زيادة في الطلب على النحاس، وذلك من خلال زيادة الاهتمام بالتقنيات البديلة مثل الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات والسيارات الكهربائية، وهو ما يعني استخدام النحاس بشكل مباشر أو غير مباشر في صناعة ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات وغير ذلك، خاصة في أوروبا وآسيا، حيث تضمّان نحو 75٪ من سكان العالم.
التحول للطاقة النظيفة
من المتوقع أن يؤدي التحول العالمي من الطاقة التقليدية إلى الطاقة النظيفة إلى زيادة الطلب على تداول السلع النحاسية والمعادن الأخرى مثل الليثيوم والكوبلت. وفي خلال العقد الماضي، انخفضت تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية بنحو 70٪ تقريبًا بينما انخفضت تكلفة البطاريات بمقدار مقارب. وإذا استمرت هذه الاتجاهات خلال العقود القليلة القادمة، فسيكون من الممكن تخيل مستقبل يتسم بوفرة الطاقة النظيفة الخالية من الكربون، ولكنها تتطلب الكثير من الأسلاك النحاسية.
وفي الواقع، فقد أصبح الانتقال واضحًا بالفعل، حيث ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بنحو 160٪ في جميع أنحاء العالم في عام 2021 لتصل إلى 2.6 مليون سيارة. كما انخفضت تكلفة السيارات الكهربائية بسرعة، وقد تصبح أقل تكلفة من السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق بحلول النصف الثاني من عشرينيات القرن الحالي.
الاقتصاد الصيني
تقوم الصين كل عام بشراء نحو 40٪ -50٪ من معروض النحاس العالمي. يستخدم بعض النحاس الخام محليًا، بينما يتم إعادة تصدير جزء كبير منه في مكونات سلع وسيطة أو كاملة الصنع. لذا عادة ما ترتبط وتيرة النمو في قطاع التصنيع في الصين ارتباطًا وثيقًا بالسعر الحالي للنحاس.
وقد شهدت الصين في الفترة الأخيرة عودة لفرض قيود على النشاط الاقتصادي نظرًا لتفشي فيروس كورونا، حيث قامت الصين بإغلاق عدد من المدن والتي كان من بينها المركزي المالي العالمي شنغهاي، وهو ما أدى لاضطراب في معدلات الطلب على النحاس مما نتج عنه ضغوط هبوطية على أسعار النحاس.
الحرب الروسية الأوكرانية
شهدت أسعار النحاس بعض الدعم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وفرض عقوبات على روسيا. فقد أنتجت روسيا 850 ألف طن من النحاس في عام 2021، أي ما يمثل نحو 5٪ من الإجمالي العالمي. وبالتالي فإن جزء من إمدادات النحاس تعتبر في خطر بما يهدد جانب العرض مع تزايد الطلب.
هل تواصل أسعار النحاس صعودها؟
رغم أن الاقتصاد الصيني لا يزال ينمو، إلا أنه يواجه عدة رياح معاكسة بما في ذلك تلك التي تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الخام، واضطرابات قطاع الإنشاءات، وتباطؤ نمو الصادرات، وارتفاع حجم الدين، وتفشي فيروس كورونا. وإذا استمرت معدلات النمو الصينية في التراجع، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة مخاطر تعرض أسعار النحاس لضغوط هبوطية في وقت لاحق من 2022 أو في عام 2023. ومقابل ذلك، إذا استمرت أسعار النحاس في الارتفاع، على الرغم من تباطؤ النمو المحتمل في الصين، فقد يكون انتقال الطاقة المذكور أعلاه هو السبب وراء ذلك. لتعلم تداول السلع في الأسواق العالمية يمكن الاطلاع على هذا المقال