الاسترليني دولار وقرار بنك إنجلترا
يواصل زوج الاسترليني دولار تراجعه بشكل حاد للغاية منذ 21 أبريل الماضي، فعلى الرغم من أن الأسواق تتوقع أن يقوم بنك كندا برفع أسعار الفائدة من جديد حتى تصل إلى 1%، إلا أن تأثير ذلك على زوج الاسترليني دولار كان محدودا للغاية نظرا لخوف الأسواق من أن تتباطئ وتيرة تشديد السياسة النقدية فيما بعد ذلك. وخلال السطور الآتية نلقي نظرة على زوج الاسترليني دولار.
الاسترليني دولار وتصريحات بنك إنجلترا
في يوم 30 من مارس الماضي، قال نائب رئيس بنك إنجلترا “بن برودبنت” في خطاب صادم؛ أنه يوجد العديد من المخاطر التي تهدد الاقتصاد البريطاني والتي من الصعب أن يتم التنبؤ بمدى تأثيرها بشكل دقيق، كما أشار إلى أنه في ظل الحرب الروسية وارتفاع أسعار النفط والغاز بشكل غير مسبوق فإنه من غير الواضح ما إذا كانت السياسة النقدية التشديدية هي الملائمة أم التسهيلية.
وقالت “كاترين مان” عضو لجنة السياسة النقدية؛ أن مخاوف حدوث ركود تضخمي أصبحت ترتفع بقوة في ظل استمرار حالة عدم اليقين الحالية بين ارتفاع معدلات التضخم في ظل تخوف الأسواق واستمرار ضعف الطلب.
ومؤخرا؛ صرح محافظ بنك إنجلترا “بايلي” بأن لجنة السياسة النقدية تسير على خط دقيق للغاية في الموازنة بين معالجة معدلات التضخم المتسارعة من جانب وبين صدمة الدخل الحقيقي من جانب آخر، وذكر كذلك أن العديد من الشركات باتت تتحدث عن نقص ملحوظ في العمالة المهاجرة.
المؤشرات البريطانية غير مبشرة
لايزال مؤشر أسعار المستهلك السنوي في ارتفاع متواصل، حيث سجل المؤشر في قرائته الأخيرة ارتفاع لمعدل التضخم إلى النسبة 7% وهي أعلى وتيرة ارتفاع يسجلها المؤشر منذ نحو 4 أشهر.
أما مؤشر مبيعات التجزئة الشهري الذي يقيس التغير في حجم مبيعات الأسواق بعد إزالة أثر التضخم، فإنه يظهر اضطراب كبير في أدائه، لكن الواضح أن ذلك الاضطراب يميل إلى الجانب الهبوطي، حيث سجل المؤشر انكماش بنسبة 1.4% في قرائته عن شهر مارس، وكذلك سجل انكماش بنسبة 0.5% في الشهر الأسبق.
وبالتالي فإنه عند الجمع بين أداء مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر مبيعات التجزئة يظهر بشكل واضح أن ارتفاع مؤشر التضخم السبب فيه هو ارتفاع تكاليف الإنتاج وليس ارتفاع معدلات التطلب، إذ أن معدلات الطلب في انكماش.
لكن على الجانب الآخر، فإن القراءة الأولية لمؤشرَي مديري المشتريات سواء للقطاع التصنيعي أو الخدمي لاتزال توسعية، أي أعلى من 50 نقطة، حيث سجل المؤشر التصنيعي 55.3 في حين سجل المؤشر الخدمي 58.3، وربما يكون الحكم أكثر دقة عند خروج النتائج النهائية للمؤشر مما يعطي صورة أكثر وضوحا عن أداء القطاعات الاقتصادية في بريطانيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قراءة 58.3 للمؤشر الخدمي تعتبر انكماش كبير عن سابقتها والتي كانت عند 62.6 نقطة.
المستثمرون قلقون بشأن الأوضاع
أظهرت تقارير صادرة عن وكالة رويترز أن صافي التدفقات النقدية في صناديق استثمار الأسهم البريطانية قد سجلت صافي تدفقات خلال أبريل بقيمة -1 مليار دولار، أي أن صافي الحركة النقدية كانت لصالح التخارج من الصناديق، وهو ما يعكس حالة الخوف المسيطرة على المستثمرين من عدم وضوع اتجاه الأوضاع الاقتصادية.
جونسون يخيب الآمال في قدرة الدعم المالي
قال رئيس الوزراء البريطاني “برويس جونسون” مؤخرا أن الحكومة البريطانية لم تعد قادرة على دعم جميع المواطنين لتجاوز أزمة التضخم الراهنة، وأن الحكومة حذرة في تدابيرها مخافة أن يتسبب الدعم المالي في تأجيج معدلات التضخم المتزايدة بالفعل، في حين أشار إلى أن السياسة المالية الملائمة حاليا هي التركيز على الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا والتي لن تكون قادرة على مواكبة الارتفاع الكبير في أسعار الوقود.
توقعات السياسة النقدية القادمة
توقع بنك “كريدي سويس” أن يقوم بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل بنحو 25 نقطة أساس لتصل أسعار الفائدة البريطانية إلى 1%، فيم استبعد خبراء البنك أن يقدم البنك على سياسة أكثر تشددا خلال الاجتماع المقبل.
كذلك فقد أشار خبراء ” دانسكي بنك” إلى أن السوق حاليا قد سعر بالفعل رفع الفائدة خلال الاجتماعات القادمة بنحو 150 نقطة (بشكل إجمالي) وهو ما يعني التوقع بأن يرفع بنك إنجلترا الفائدة خلال كل اجتماع بحوالي 25 نقطة أساس، ويظهر ذلك حاليا في اقتراب أسعار الفائدة على السندات البريطانية لأجل 10 سنوات من 2%.
ولكن تظل المخاوف قائمة على جانبي التوقع؛ إذ أن بنك إنجلترا مؤخرا قد أشار إلى تخوفاته من تباطؤ معدلات النمو واختلال سوق التوظيف، إلى جانب أن مؤشر التضخم الأخير جاء أعلى من التوقعات، وبالتالي فإن بنك إنجلترا قد يرجع التعامل مع تسارع التضخم عن غيره فيتجه لمزيد من التشديد، أو يرجح دعم النمو والتوظيف فيتجه لتبطئ وتيرة التشديد عن المتوقع.
توقعات الاسترليني دولار
- السيناريو الأول؛ يتحقق بفرض أن بنك إنجلترا يقوم بترجيح مخاوف التضخم خلال الاجتماع المقبل مما يؤدي إلى رفع الفائدة بقيمة 50 نقطة، وعلى أن احتمال حدوث هذا السيناريو ضعيف؛ إلا أنه كذلك قد يقتصر تأثيره على تخفيف وتيرة تراجع الزوج فقط خاصة مع انتظار الأسواق لقرار السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي ومجموعة من المؤشرات الأمريكية الهامة.
- السيناريو الثاني؛ هو أن يلتز بنك إنجلترا برفع الفائدة بقيمة 25 نقطة أساس فقط، وهو السيناريو الأرجح خاصة إذا جاء بيان الفيدرالي موافق لتوقعات الأسواق وليس أكثر تشديدا، وهو السيناريو الأرجح.
وأما فنيا، فإن زوج الاسترليني دولار حاليا يتداول عند مستويات 1.254، وعلى المدى الزمني ساعة، يبدو أن الزوج يتحرك داخل مثلث هابط، وبالتالي فإن الهدف القادم للزوج عند كسر خط الدعم 1.2470 هو 1.233.