استكشف فرص الأرباح للتداول على عقود النحاس
بعد أن سجلت أسعار النحاس أداءً قويًا فيما بين مارس 2020 إلى مارس 2022 خلال تداول عقود النحاس، حتى لامست مستويات 4.9 دولار أمريكي للباوند، عادت أسعار النحاس لتتخلي عن قدر كبير من المكاسب التي حققتها خلال تلك الفترة لتهبط من جديد إلى مستويات 3 دولار للباوند. ولكن لم يدم ذلك الأمر طويلًا حتى شهدنا أسعار النحاس من جديد تحاول إعادة الكرّة ورسم اتجاه صعودي جديد. فما هي العوامل التي تسيطر على تلك الحركة المتقلبة للنحاس؟ نكتشف ذلك من خلال السطور التالية.
النحاس كمؤشر على الحالة الاقتصادية
يستخدم خبراء التداول في سوق السلع اتجاهات معدن النحاس كمؤشر على اتجاه الأوضاع الاقتصادية في المستقبل، فنظرًا لكون النحاس معدن يدخل كعنصر خام في العديد من الصناعات الحديثة في مختلف قطاعات الاقتصادي، فإن تحركات سعر النحاس خلال التداول في السوق السلع تعتبر مؤشر على حالة الاقتصادي.
ويعني ذلك أنه كلما زاد الطلب على النحاس فإن ذلك يعني حالة توسع في الاقتصاد والعكس صحيح، ولذلك يطلق الاقتصاديين على النحاس لقب “دكتور نحاس” لأنه يرشدهم للوضع الصحي للسوق.
لماذا صعد النحاس بقوة حتى مارس الماضي؟
- التعافي من قيود الجائحة
يعتبر التعافي الاقتصادي المتسارع الذي حققته الدول بعد رفع قيود جائحة كورونا هو السبب الأول والرئيسي الذي قاد أسعار النحاس للتحرك إلى المستويات القياسية التي حققها. فمع عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها ارتفع الطلب بقوة على المنتجات الصناعية والتي يعتبر النحاس مكون رئيسي فيها، وهو ما تسبب في ارتفاع الطلب بقوة على النحاس كمادة خام.
إضافةً إلى ذلك، فإن مشكلة سلاسل التوريد التي يشهدها الاقتصاد العالمي كان لها أثر قوي في دعم أسعار النحاس، وكذلك حالة العجز التي يشهدها سوق النفط منذ عام 2021.
- الحرب الروسية الأوكرانية
تسببت الحروب الروسية الأوكرانية في العديد من المشكلات لحركة السلع، وكانت من أهم تلك المشكلات التأثير على أسعار النحاس في الاتجاه الصاعد. فمن جانبها تعتبر روسيا هي صاحبة المرتبة الثامنة عالميًا في إنتاج النحاس بإجمالي إنتاج قدره 830 ألف طن متري سنويًا.
وليس الأمر متوفقًا على التأثير المباشر على عرض النحاس، إذ أن أزمة الطاقة التي أحدثتها الحرب نتيجة العقوبات المفروضة على صادرات الطاقة الروسية قد تسببت أيضًا في رفع تكاليف عمل مناجم النحاس واستخراجه وشحنه.
- زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة
بعد أن أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية للعالم خطورة الاعتماد الكلي على الوقود الحفري مثل النفط والغاز، أصبح العالم يتجه بخطى متسارعة نحو مصادر الطاقة البديلة أو مصادر الطاقة المتجددة والتي تعرف بالطاقة الخضراء، ومن المعروف أن النحاس يعتبر أهم العناصر الطبيعية المعدنية التي تدخل في صناعة الأجهزة المولدة والناقلة للطاقة البديلة وبالتالي أصبح ينظر الآن للنحاس كونه سلعة استراتيجية مثله مثل النفط والغاز الطبيعي.
كذلك فقد أدت التقلبات المناخية المتسارعة والغير معتادة إلى دفع الدول بخطى متسارعة لتبني سياسات الحد من استخدام الوقود الكربوني وزيادة درجة الالتزام بمخرجات معاهدة باريس للمناخ وهو ما يعد من أهم العناصر التي ستمثل دعمًا قويًا لمعدلات الطلب على النحاس في المدى البعيد.
لماذا تراجعت أسعار النحاس من مارس إلى يوليو؟
فيما بين مارس الماضي إلى يوليو، شهدت أسعار النحاس تراجعًا كبيرًا، حتى خسرت أسعار النحاس ما يقارب نصف مكاسبها التي حققتها خلال أكثر من عامين. ولعل من أهم الأسباب التي تسببت في ذلك التراجع هو القرار الذي اتخذه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأن يتجه لرفع أسعار الفائدة بوتيرة قوية بدايةً من مارس الماضي.
فقد ترجمت الأسواق ذلك القرار بأنه سيقود إلى حالة من تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي ومن ثم تباطؤ معدلات الطلب على النحاس، إلا أن الأثر كان أبعد من ذلك، إذ قادت السياسة النقدية الانكماشية الأمريكية إلى تراجع قوي في معدلات النمو وصل إلى حد النمو السلبي في العديد من القطاعات مما أثار المخاوف بقوة حول احتمال حدوث ركود اقتصادي وهو السيناريو الذي إن حدث فسيكون له أثر سلبي جدا على سوق السلع العالمي.
كذلك فإن عودة معدلات الإصابة بفيروس كورونا في الصين وقيام السلطات هناك بتطبيق قيود الإغلاق من جديد قد تسبب في ضعف معدلات النمو الاقتصادي الصيني (المستهلك الأكبر للنحاس عالميًا) وهو ما أدى بدوره لدعم تراجع أسعار النحاس.
كيف عادت أسعار النحاس للصعود من جديد؟
هناك عاملين رئيسيين يقفون خلف الصعود الأخير والحالي الذي نشهده في أسعار النحاس؛ السبب الأول هو أن عدم الاستقرار المناخي قد تسبب في تراجع منسوب المياه بقوة في بعض الأنهار التي تستخدم كمولد رئيسي للكهرباء في الصين من خلال السدود، وفي ظل أزمة الوقود الحفري التي يشهدها العالم، فقد تسبب ذلك في قيام الصين بفرض خطط لترشيد استهلاك الكهرباء، وقد تسبب ذلك في خفض معدلات إنتاج النحاس، إذ تعتبر الصين هي ثالث منتج عالمي للنحاس.
أما السبب الثاني فهو قيام البنك المركزي الصيني (بنك الصين الشعبي) بإقرار خفض في معدلات الفائدة من 2.1% إلى 2% فقط من أجل دعم معدلات النمو الاقتصادي، وهو ما يعني انخفاض في تكلفة الائتمان ومن ثم توسع في النشاط الصناعي والطلب المحلي.
إلى أين تتجه أسعار النحاس؟
كما نرى من خلال التحركات السعرية للنحاس، فإنه يتخذ حاليًا اتجاه صاعد واضح بتحركه داخل قناة سعرية منذ منتصف يوليو الماضي، وبالتالي فإن السعر يعطي إشارة من ناحية التحليل الفني إلى أنه سيواصل ذلك التصحيح الصاعد ربما حتى سبتمبر المقبل.
أما على جانب التحليل الأساسي؛ فإن مخاوف الركود لاتزال تمثل عائق قوي أمام أسعار النحاس، ولكن ربما تدفع الإشارات السلبية التي أظهرها الاقتصاد الأمريكي مؤخرًا إلى أن يتبنى جيروم باول وجهة نظر أقل حدة تجاه التضخم خلال مؤتمر جاكسون هول، وهو ما إن حدث فسيكون داعمًا قويًا لأسواق السلع وعلى رأسها النحاس. وبالتالي فإن الأيام المقبلة قد تحمل للمهتمين بالتداول في سوق السلع فرص أرباح قوية، ولذا فإن الوقت الحالي مناسب تمامًا لفتح حساب تداول مع أكسيا وانتهاز الفرصة.