توقعات الاسترليني دولار للفترة المقبلة
شهد زوج الاسترليني دولار تراجعًا قويًا منذ عام 2016 على خلفية تصويت المواطنين بخروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي، وكان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بـ “بريكسيت” هو الحدث الأكبر المؤثر على تداولات الاسترليني دولار خلال الفترة الماضية. فيما يلي سنلقي نظرة على الأداء الحالي لزوج الاسترليني دولار وأهم ما يؤثر عليه.
نبذة عن أثر بريكسيت على الجنيه الاسترليني
في 23 يونيو من عام 2016 صوت الناخبين البريطانيين في استفتاء شعبي بالموافقة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما نتج عنه تقديم رئيس الوزراء الأسبق “ديفيد كاميرون” لاستقالته من رئاسة الوزراء.
بين عامي 2016 و2020 خاضت بريطانيا مجموعة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لوضع خارطة للعلاقات بين الكتلتين بعد أن يتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد شهد زوج الاسترليني دولار تراجعًا قويًا ولقي العديد من الضغوط على خلفية ذلك القرار البريطاني المصيري.
وكانت أهم الملفات التي أحدثت ضغوط على الاسترليني دولار هي ملف أوضاع العمالة البريطانية في أوروبا والعمالة الأوروبية في بريطانيا وكذلك توفيق أوضاع الاستثمارات بين الجانبين وحركة الصادرات والواردات بين الجانبين، وهو ما شكل نوع من التخوف تجاه أداء الاقتصاد البريطاني.
أداء الاقتصاد البريطاني والاسترليني دولار
شهد الاقتصاد البريطاني ضغوطًا جراء تفشي فيروس كورونا ابتداء من عام 2020 ثم ما تبعه من توترات في سلاسل التوريدات التجارية والتي زادت من معدلات التضخم العالمية، ثم الحرب الروسية الأوكرانية والتي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي بأكمله بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والمعادن إلى مستويات تاريخية قياسية.
وقد خرجت مؤخرًا قراءات مجموعة من المؤشرات الاقتصادية البريطانية التي تعكس استمرار الضغوط التضخمية على الاقتصاد البريطاني مع تراجع معدلات النمو وهو ما ينذر بأن الاقتصاد على أعتاب ركود تضخمي.
فقد أظهرت قراءة مؤشر مبيعات التجزئة البريطاني أن المؤشر قد سجل انكماشًا للشهر الثاني على التوالي، حيث انكمشت مبيعات التجزئة البريطانية خلال مارس الماضي بنحو 1.4% وهو ما يعتبر أسوأ من توقعات الأسواق التي كانت تتجه لتسجيل انكماش بنسبة 0.3% فقط.
كذلك فقد سجلت القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات للقطاع الخدمي نمو بأقل من التوقعات عن شهر أبريل الجاري، حيث سجل المؤشر قراءة عند النقطة 58.3 مقابل توقعات بأن يرتفع إلى النقطة 59.9، كما تعتبر هذه القراءة أقل من قراءة الشهر السابق والتي كانت عند 62.6 نقطة.
ورغم ذلك التراجع في أداء النشاط الاقتصادي إلا أن مؤشر أسعار المستهلك السنوي البريطاني قد سجل نموًا تاريخيًا ليصل إلى أعلى مستوياته منذ نحو 30 عامًا، فقد سجل المؤشر ارتفاعًا إلى مستوى 7% بما يفوق توقعات الأسواق التي اتجهت لأن يسجل نمو بنسبة 6.7% فقط.
وعلى الرغم من أن بنك إنجلترا قد قام بالفعل بالبدء في اتخاذ سياسات تشديدية ورفع معدلات الفائدة لثلاثة مرات متتالية حتى وصلت إلى 0.75%، وعلى الرغم من ارتفاع التوقعات بأن تأخذ لجنة السياسة النقدية قرار مماثل في اجتماع مايو القادم، إلا أن بعض التوقعات تتجه لأن يقوم بنك كندا بخفض وتيرة رفع الفائدة فيما بعد وذلك نظرًا للتخوفات المتعلقة بالركود.
عوامل إيجابية لزوج الاسترليني دولار
على الرغم من التعثر الاقتصادي الذي تمر به بريطانيا، إلا أن هناك بعض ما يبشر بإحراز تقدم كبير في ملف السيطرة على تفشي كورونا وعودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته، كذلك فإن هناك بعض التوقعات التي تشير إلى أنه من المحتمل أن يتولى وزير الخزانة البريطاني “ريشي سوناك” رئاسة الوزراء في الدورة القادمة خلفًا لجونسون، وهو الأمر الذي يعتبر إيجابي في وجهة نظر المستثمرين ومن ثم سيكون له أثر إيجابي على الجنيه الاسترليني.
الاقتصاد الأمريكي وزوج الاسترليني دولار
على الرغم من قوة الاقتصاد الأمريكي إلا أنه لم يكن بمعزل عن التوترات الاقتصادي العالمية، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك السنوي الأمريكي ارتفاعًا إلى مستويات 8.5% خلال مارس الماضي وذلك مقابل تسجيل 7.9% خلال الشهر الأسبق وهو ما يعتبر تسارع في وتيرة زيادة التضخم.
كذلك فقد سجلت القراءة الأولية تراجعًا لمؤشر مديري المشتريات الأمريكي خلال شهر أبريل الجاري، حيث استقر عند 54.7 نقطة وذلك مقابل تسجيل 58.1 نقطة عن الشهر الماضي. كما سجلت مبيعات التجزئة الشهرية نمو بنسبة 0.5% فقط خلال مارس الماضي وهو ما يشير إلى تباطؤ في معدل النمو الاقتصادي.
توقعات زوج الاسترليني دولار
يستقر زوج الاسترليني دولار عند مستويات 1.255 خلال كتابة هذا المقال، ومن واقع البيانات المعلنة حاليًا عن الاقتصاد البريطاني فإن مخاوف الركود الاقتصادي تتزايد بشكل مضطرد وهو ما يرجح أن السياسة النقدية التشديدية في بريطانيا قد تشهد تباطؤ في وتيرتها.
وأيضا فإن تزايد حالة عدم اليقين الحالية في الأسواق والتي ترتبط بشكل كبير باستمرار التوترات الجيوسياسية وخاصة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، سيكون من أثرهاىان يحقق الدولار الأمريكي زخمًا قويًا كونه ملاذًا آمنًا وهو ما يدعم توقع استمرار تراجع زوج الاسترليني دولار خلال الفترة المقبلة.