06/10/23

65

يعاني الاقتصاد البريطاني من ضغوط تضخمية شديدة جنبا إلى جنب مع تراجع قوي في معدلات النمو. وقد أثر ذلك بقوة على أداء زوج الاسترليني دولار حتى شهدنا الزوج يُتداول عند مستويات متدنية لم يصل إليها من عام 2018، وعلى الرغم من أن بنك إنجلترا كان من أولى البنوك التي بدأت بقص شريط مسلسل السياسة النقدية التشديدية، إلا أن الضغوط الانكماشية تعيق البنك عن مواصلة المسار بنفس الوتيرة. وخلال السطور التالية نسلط الصوء على أهم تطورات زوج الاسترليني دولار.

الاسترليني دولار ومؤشرات اقتصادية سيئة

خلال التفرة الماضية، خرجت مجموعة من نتائج المؤشرات الاقتصادية البريطانية التي كان لها دور في الضغط بقوة على أداء زوج الاسترليني دولار، وكانت أهم تلك المؤشرات:

• القراءة الأولية لمؤشر الناتج المحلي الربعي

للربع الثالث على التوالي يسجل الاقتصاد البريطاني معدلات نمو أقل من التوقعات مما يشير إلى وجود قيود انكماشية ضخمة في الاقتصاد البريطاني. فقد سجلت القراءة الأولية لمؤشر الناتج المحلي على أساس ربعي انكماشا في معدلات النمو بشكل أكبر من المتوقع.

حيث سجل المؤشر نمو بنسبة 0.8% عن الربع الأول من 2022 وذلك مقابل التوقعات بأن يكون النمو بنسبة 0.8% فقط، كما كان ذلك المعدل هو أضعف من المعدل المتحقق في الربع الرابع 2021 والذي كان بنحو 1.3%.

• مؤشر الإنتاج الصناعي الشهري

سجل مؤشر الإنتاج الصناعي البريطاني انكماشا في أداءالقطاع الصناعي البريطاني خلال شهر أبريل الماضي، فقد سجل المؤشر معدل نمو سلبي (انكماش) بنسبة -0.6% وذلك مقابل التوقعات بأن يسجل نمو بنسبة 0.3% خلال الشهر. وتعكس تلك القراءة تزايد في معدلات الانكماش الصناعي البريطاني.

• مؤشر أسعار المستهلك البريطاني السنوي

مؤشر التغير في أسعار المستهلك السنوي هو أحد أهم المؤشرات على الإطلاق التي تعكس التغير في معدلات التضخم. وقد أظهرت قراءة المؤشرعن شهر مايو ارتفاع معدلات التضخم السنوي إلى 9%وذلك مقابل القراءة السابقة والتي كانت عند 7%.

• مؤشر ثقة المستهلك البريطاني

جائت قراءة مؤشر ثقة المستهلك البريطاني عند مستويات -40 نقطة عن شهر مايو الماضي، وبمقارنة تلك النتيجة مع النتيجة السابقة نجد أن المؤشر قد انخفض بقمدار نقطتين، كما يعكس ذلك تراجع ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2008.

• مؤشر PMI الخدمي

سجل مؤشر مديري المشتريات الخدمي تراجعا قويا خلال شهر مايو الماضي، إذ استقرت قراءة المؤشر عند مستويات 51.8 نقطة في حين كانت القراءة السابقة للمؤشر عند مستويات 58.9 وهو ما يعكس تراجع قوي في أداء القطاع الخدمي.

تحذيرات رسمية من تدهور الاقتصاد

فقد ذكر وزيرالخزانة البريطاني “ريشي سوناك” أن بريطانيا معرضة كغيرها من الدول حاليا أن تستمر في موجة التضخم القوية الحالية. كما أشار لذلك أيضا رئيس الوزراء “بوريس جونسون” حين قال إن الحكومة تفكر في تطبيق تخفيضات ضريبية لتخفيف أعباء التضخم عن المواطنين والتي اقتربت من حدود 10%.

الاقتصاد البريطاني أمام تحديات صعبة

هناك مجموعة من التحديات التي تواجه الاقتصاد البريطاني خلال الفترة الحالية. إذ لم يكد يستفق الاقتصاد البريطاني من أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي “البريكسيت” وما تبعه من ضغوطات اقتصادية حتى تعرض لصدمة موجة التضخم القوية التي بدأت من جانب الطلب مع انحسار تفشي فيروس كورونا ورفع القيود على النشاط الاقتصادي ثم تصاعدت مع نشوب الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من ارتفاع في أسعار الوقود والغذاء.

وبالتوازي مع ذلك، يعاني الاقتصاد البريطاني أيضا من ارتفاع تكلفة الواردات ليس فقط النفطية والغذائية ولكن كل الواردات تقريبا بسبب ضغوط سعر الصرف، فنظرا لتزامن برنامج التشديد النقدي البريطاني مع برنامج التشديدي النقدي الأمريكي مع ميل كافة ثقة المستثمرين إلى الاقتصادي الأمريكي، فإن الجنيه الاسترليني يواجه ضغوط قوية انعكس بشكل واضح في انخفاض زوج الاسترليني دولار إلى مستويات 1.217.

 ليس ذلك هو الأمر وحسب، فبالنالسبة للاقتصاد البريطاني فإن ذلك التضخم القوي يوازيه ضغوط ركودية قوية أيضا من جانبين؛ أحدهما السياسية النقدية الانكماشية لبنك إنجلترا والقيد الثاني هو قيد سوق العمل البريطاني الذي فقد الكثير من العمالة الأوروبية الماهرة بسبب البريكسيت.

وقد انعكست تلك الضغوط الاقتصادية في التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي بخصوص معدلات النمو للاقتصاد البريطاني، حيث توقع الصندوق أن يسجل النمو الاقتصادي البريطاني معدلات 3.7% خلال العام الجاري 2022 ثم يقل في العام المقبل لتكون 1.2% فقط.

بنك إنجلترا أمام قرار صعب

بدأ بنك إنجلترا في رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأخير من عام 2021 والذي انعقد في ديسمبر. وقد واصل البنك رفع أسعار الفائدة لأربعة اجتماعات متتالية بواقع 25 نقطة أساس في كل اجتماع حتى استقرت أسعار الفائدة عند مستويات 1%.

حاليا يتوقع المستثمرين أن يواصل البنك رفع أسعار الفائدة لمدة اجتماعين تاليين على الأقل بنفس الوتيرة، ولكن رغم استمرار الضغوط التضخمية إلا أنه سيكون على البنك أن يضع خطة للموازنة بين الضغوط التضخمية من جانب العرض وبين دعم معدلات النمو الاقتصادي وهي المعادلة التي تجعل الأمر أكثرتعقيدا أمام أندر وبايلي.

توقعات زوج الاسترليني دولار

في ظل استمرار الدولار الأمريكي في مساره الصعودي القوي مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم الأمريكية السنوية والتي وصلت إلى 8.6% فإنه سيكون من المتوقع بقوة أن يزيد الاحتياطي الفيدرالي من وتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة بنسبة 0.75% وهو ما سيكون له انعكاس سلبي قوي على الاسترليني دولار والذي قد يختبر إلى مستوى 1.2073.

ورغم تراجع زوج اليورو دولار، إلا أنه لاتزال هناك فرص لتحقيق أرباح من التداول عليه، فكما هو معلوم يمكن للمستثمر أن بحقق أرباح في تداول الفوركس في كلا الاتجاهين. ابدأ الآن.