الدولار الأمريكي يواصل الصعود بقوة
يواصل مؤشر الدولار الأمريكي DXY صعوده بكل قوة وبزخم لم نشهده منذ قرابة 10 سنوات مستندًا في ذلك على الدعم القوي من جانب الاحتياطي الفيدرالي وحالة الرعب التي تجوب الأسواق من كل جهة ابتداء بالحرب الروسية الأوكرانية ووصولًا إلى الصدمة القاسية التي يتعرض لها الاقتصاد الصيني. وخلال السطور التالية نلقي نظرة على تطورات أداء الدولار الأمريكي.
نظرة على المؤشرات الاقتصادية الأمريكية
تراجعت القراءة الأولية لمؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشجين، حيث سجل المؤشر أسوأ قراءة له منذ نحو 10 سنوات، حيث سجل انكماشًا ليهبط إلى النقطة 59.1 مقابل توقعات بأن يسجل 64.1 نقطة ومقابل القراءة السابقة عند 65.2 نقطة.
كذلك سجلت بيانات إعانات البطالة الأسبوعية ارتفاعًا إلى مستويات 203 ألف طلب مقابل توقعات بأن تسجل 190 ألف طلب فقط ومقابل قراءة الأسبوع الماضي عند 202 طلب.
كما انعكست السياسات النقدية التشديدية على أسعار المنتجين وأترت مؤخرًا على أسعار المستهلكين، حيث سجل مؤشر أسعار المنتجين تراجعًا خلال أبريل ليسجل نمو بنسبة 0.5% فقط، ورغم أنه كان موافق للتوقعات إلا أنه يعتبر أقل كثيرًا من قراءة الشهر الأسبق والتي جائت عند 1.4%.
وقد أظهر مؤشر أسعار المستهلكين كذلك أثر ضغوط السياسة النقدية التشديدة على معدلات التضخم، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي السنوي عن الشهر الماضي نموًا بنسبة 8.3%، وعلى الرغم من أنه يعتبر أقل من قراءة الشهر الماضي والتي كانت عند 8.5%، إلا أنها كانت أعلى من توقعات الأسواق أيضًا والتي اتجه أغلبها لأن يسجل المؤشر ما بين 8 إلى 8.1%.
نظرة على أداء الأسواق العالمية
لم يكن من المستغرب أن تنعكس حالة الرعب التي تجوب الأسواق الدولية في نتائج المؤشرات الاقتصادية لأكبر الاقتصاديات في العالم، فقد سجلت مختلف المؤشرات الاقتصادية البريطانية نتائج سلبية تشير إلى مدى تأثر السوق البريطاني بحالة الهلع ومدى مخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد البريطاني في موجة ركود قوية.
فقد سجلت القراءة الأولية لمؤشر نمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني التراجع الثالث على التوالي على أساس ربعي ليسجل نمو بنسبة 0.8% فقط مقابل توقعات نمو بنسبة 1%، وعلى نفس المنوال كانت نتائج مؤشرات الإنتاج الأخرى.
وأيضا يشهد الاقتصاد الأوروبي حالة من التراجع القوية ظهرت بشكل جلي في قيام المفوضية الأوربية بتخفيض توقعات النمو الاقتصادي لعام 2022 من نسبة 4% إلى 2.7%، وظهر أيضًا في أداء المؤشرات الأوروبية، فمثلًا سجلت الميزان التجاري الألماني خلال مارس الماضي أكبر عجز منذ نحو 20 عامًا بقيمة 17.6 مليار دولار. وكانت القراءة الأخيرة لمؤشر ثقة الاستثمار الصادر عن معهد ZEW كذلك سلبية عند -29.5 نقطة.
أما الاقتصاد الصيني، فإن ارتداد جائحة كورونا يعتبر مثابة العاصفة التي تضرب مصنع إنتاج العالم، وقد ظهر ذلك أيضًا في المؤشرات الاقتصادية الصينية، حيث سجل مؤشر مبيعات التجزئة السنوي عن شهر أبريل أسوأ قراءة له منذ شهر أبريل لعام 2020، وأيضًا سجل مؤشر الإنتاج الصناعي انكماشه الأول منذ مارس 2020.
أهم تصريحات صانعي السياسة النقدية والمالية
قال محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “جيروم باول” أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل محاربة التضخم على الرغم من الآثار غير المرغوبة الناتجة عن رفع مستويات الفائدة، وأكد أن الفيدرالي سيقوم برفع الفائدة 50 نقطة في كل اجتماع مقبل، مؤكدًا على أنه إذا حدثت مستجدات في البيانات الاقتصادية فإن الفيدرالي سيتخذ اللازم.
من جانب آخر، أشارت وزيرة الخزانة الأمريكي “جانيت يلين” إلى قلقها من أداء سوق سندات الخزانة الأمريكية، وقالت أن الأوضاع قد مرت فترات جفت فيها السيولة.
توقعات أداء الاقتصاد الأمريكي
قام بنك جولدمان ساكس بتخفيض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام الجاري والمقبل بما يعكس التقلبات الحالية في الأسواق مع تشديد الفيدرالي الأمريكي للسياسة النقدية. وتوقع الخبراء لدى البنك أن يشهد الاقتصاد الأمريكي نموًا خلال العام 2022 بنسبة 2.4% مقابل توقعات سابقة بنموه بنسبة 2.6%، وأن يسجل نمو بنسبة 1.6% خلال 2023 بدلًا من 2.2%.
وتوقع الخبراء لدى “جولدمان ساكس” أيضًا أن تنخفض البطالة خلال الأشهر القادمة إلى 3.4%، وذلك قبل أن تعاود الارتفاع إلى 3.7%.
كذلك قامت مؤسسة “كونفرنس بورد” بتخفيض توقعاتها لنمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثاني من العام لتكون عند 2.1% بشكل ربعي مقابل 1.4% في الربع الأول. كما توقعت أن يبلغ معدل النمو خلال 2022 بشكل عام نسبة 2.3% وبنسبة 2.1% خلال 2023.
توقعات مؤشر الدولار الأمريكي
تتجه العوامل الأساسية الحالية لدعم الدولار الأمريكي بقوة خصوصًا مع تأكيد صانعي السياسة النقدية على المضي قدمًا في السياسة النقدية وبالخصوص فيما يتعلق برفع مستويات الفائدة بنسبة 0.05%خلال كل اجتماع مقبل لتصل النسبة بنهاية العام إلى مابين 2% إلى 3%.
أما من الناحية الفنية فإن مؤشر الدولار حاليًا يتداول حول مستويات 104.11 نقطة بعد أن اخترق المقاومة 103.26، ولايزال المؤشر يتحرك داخل القناة السعرية الصاعدة، وبالتالي فإذا نجح المؤشر في مواصلة الاتجاه الصعودي، فإن الهدف التالي سيكون مستويات 106 نقطة.